“الموت ليس سيئا”
ذات يوم مر الموت عبر الغابة فوجدته فتاة صغيرة في طريقها، وعندما رأته على حصانه الأسود اللّامع الجميل سألته بكلّ براءةٍ:
– هل ضِعتَ أيضا مثلي؟ نظر إليها الموت وبابتسامة أجابها:
– نعم أنا ضائع مثلك. وأنت هل خائفة؟ وتعرفين طريق العودة للمنزل؟ أجابت الفتاة:
– لا أشعر بالوحدة، ولست خائفة لأنك الآن معي!!
فتفاجأ الموت وقال:
– أخبرتني أنّك لست خائفةً مني! وهل تعرفين من هو أنا؟ ردت الفتاة بهدوء:
– لا أعرفك، ولكنك أتيت لأجلي فهذا جيد ولكني سأطلب منك معروفا فقط، والموت يجيب:
– وأي معروف هذا الذي قد تطلبينه من الموت!؟
ردت الفتاة بوجه حزين:
– أنقذ والدتي، فهي مريضة جدا، فلهذا خرجتُ لكي احصل على بعض الأعشاب الطبية في الغابة وضِعتُ بالطريق، وان أكثر ما يقلقني أنه إذا لم أعد لأمي فانها ستموت من المرض والحزن لفقداني لأننا وحدنا! فقد توفي أبي منذ عام، ومنذ ذلك الحين وأمي هي المسؤولة عني وعن المنزل.
فأحسّ الموت بالخجل وغمر وجهه الأسف والحزن لأوّل مرّة وذلك لأنّه كان ينوي أخذ الفتاة معه بدون رجعة! وهكذا استمروا في المشي هي تعرج من ألم قدميها النّاعمتين وهو يركب حصانه الضّخم حتى وصلوا إلى طريق يقود مباشرة إلى المنزل الذي صار واضحا من بعيد، وقبل أن يغادرا الغابة توقف الموت وتقدّمت الفتاة بإتجاه المنزل فالتفتت له وسألتهُ مستغربة:
– ماذا تفعل!؟ لماذا لا تتحرك!؟ رد عليها الموت:
– لا أستطيع المواصلة أكثر!!! الفتاة مندهشة، إذن ألن تأخذني!؟ ألستُ ذاهبةً معك؟ نظر الموت إلى عينيها الصغيرتين وأجاب:
– لا، لن تذهبي معي ولا أمك أيضا!! فقط اذهبي واهتمي بها لأنه في الوقت المناسب سأعود لأجلها ولأجلك أيضا، وستذهبان معي .
أخذت الفتاة الفَرحَة وكأنها قد رأتْ طائرا سحريّا لامعا جميلاً، وقالت للموت بصوت مرتجف من شدّة السّعادة:
– شكرا لك، وسأكون في انتظارك بسعَادة لأنني أعلم أنك لست سيئا.
قارئي العزيز:
ان الموت ليس سيئا، أحيانا ما يكون الأمان! وذلك عندما يأتي في الوقت المناسب .
Discussion about this post