الاحتمال
توجد آلام طبيعية مثل الجوع والشعور بالتعب والمرض يشعر بها الإنسان في جسده يحكم الطبيعة البشرية . وتوجد آلام قد نسميها سلبية يحتملها الإنسان وليس له يد فيها مثل احتمال الشتيمة والاهانة والامتهان وتوجد يد فيها مثل احتمال الشتيمة والاهانة والامتهان وتوجد آلام قد تدعى إيجابية يحتملها الإنسان في العمل مثل الأحزان والتجارب والشدائد .
+ قالت القديسة سفرنيكي :
” أن حيل المحتال كثيرة ، فاذا لم تتذلل النفس بالفقر ، فانه يقدم لها الخديعة بالغني ، وغذا لم يقدر على أضرارها بالشتائم والتعييرات ، فأنه يقدم لها المديح والسبح الباطل ، وأن لم يغلب بالصحة ، فأنه يجلب علي الجسم أمراضاً ، وإن لم يقدر أن يخدع باللذات ، فإنه يجرب أن يخزن بالأوجاع ، فإن كنت خاطئا وحل بك هذا ، فتذكر العذاب العتيد ، والنار الدائمة ، فلا تمل من الحاضرات ، بل أفرح بالحري اذا افتقدك الله ، ولسكن علي لسانك بارا ، فاشكر الله واذكر المكتوب : ” أننا بتألمنا معه نتمجد أيضاً معه .
+ قال القديس برصنوفيوس :
” كل شيء من أمور العالم هو فان وليس بشيء ، فاسبق وصور الله بين عينيك وكن حريصا في أن تتوب ، لأن زمانك في هذا الفعالم قليل . كن وديعا بقلبك واذكر الحمل الوديع وكم صبر ، ورغم أنه لم تكن له خطية ، احتمل الشتم والصبر وسائر الأوجاع حتى الموت ، اتعب وجاهد ليبعد عنك الغضب والحرد بمعونة الله الحق ، إلهك المسيح الذي أحبك ” .
+ قال راهب :
” الذي يريد الخلاص فليتحمل الظلم ويصبر على الإهانة والخسارة الجسدانية ” .
+ قال القديس باسيليوس :
” الحكيم لا يتاني غير المخوف ، ولا يرجو غير المدرك ، ولذلك لا يخاف الآلام ولا يرجو دوام اللذات العالمية ، لأنها سريعة الزوال ، فإذ لا يخاف هذه الآلام يحتملها ، وإذ يرجو هذه اللذات فلا يطلبها ” .
+ قال الأب لوقيوس :
” إن المرأة تعلم أنها حبلت عند توقف دمها ، كذلك النفس تعلم أنها قد قبلت الروح القدس عند انقطاع الآلام عنها السائلة منها من أسفل .. أما اذا دامت فيها ، فكيف يمكنها أن تثمر – وهي هكذا – ثمارا مثل ثمارها وهي عديمة الآلام ؟
+ قال أحد الاخوة لشيخ:
سائلا : ” قل لي يا أبتاه امرا واحدا لأحفظه وأخلص به ” .
فقال له الشيخ : ” أن شتمت فلو أمكنك أن تحتمل ، فذلك من أشرف ما يكون ” .
وقال الشيخ أيضاً :
” كل من استطاع أن يحتمل محقرة ، أو شتيمة ، أو خسرانا جسديا ، فأنه يخلص”.
أ – احتمال للآلام المادية الطبيعية
الوجاع الجسمانية – التعب – المرض – الأماكن
الأوجاع الجسمانية
+ قال شيخ :
” يجب أن نشكر الله على الوجاع الجسمانية ، فإن الرسول يقول ” اذا ما فسد انساناً الخارجي فأن الداخلي يتجدد يوما فيوما ” فلن نشارك المسيح في مجده الا اذا شاركنا أوجاعه ، ولا نقدر أن نشاركه في أوجاعه ، إلا بالصبر على الشدائد .الشكر في الشدة يعين علي الخلاص منها “.
التعب
+ قال الشيخ :
” من لا يقتني تعب الرهبنة فلن يقتن فضائلها ، ومن لا يقتني فضائلها فلن يقتن مواهبها ” .
+ وقال آخر :
” مناجل المرض لسنا نفلح ، لأننا لا نعرف أقذارنا ، وليس لنا صبر في عمل نبدأ فيه ،ولكننا نريد أن نقتني الفضائل بلا تعب ”
المرض
+ قال الأنبا يوسف التبايسي :
” توجد ثلاثة أمور كريمة أمام الله : أولها ، أن يؤدي الانسان عملا خالصا لوجه الله ، ولا يرئي فيه بشريا ، أما ثانيها ، فهو أن يكون الانسان في مرضه ، وحين تتواتر المحن عليه ، راضيا شاكرا . وثالثها ، فهو وجود الانسان مداوما علي طاعة أب روحاني ، هاملا بحسب مشوراته . فبهذه الأمور الكريمة ، يؤهل الانسان لاكليل فاضل ، وأني لذلك أحب المرض ، اذ قيل عن شيخ كان في كل زمانه يشتكي ، الا أنه في سنة من سني حياته وجد غير مشتك ، اذ لم يصبه خلالها مرض ، فمكث تلك السنة حزينا جدا ، وكان يبكي ويقول : ” لقد أسلمتني يا الله ، ولم تتعهدني بالطعام ، الذي كنت قد عودتني عليه ، من الأمراض التي كنت تجلبها علي ” .
+ قال الشيخ :
” من يخاف من مرض الجسد ، فهو عادم الفضيلة ، واذا انعتق بالكمال من الآلام ، فحينئذ يسير بغير مانع ” .
+ حدث أن اعتل أخ علة عزيمة ، لدرجة أنه كان يري من تحته دما ،فصنع له أحد الأخوة طعاما وجاء به اليه ، فلم يذقه ، فألح عليه ذلك الأخ ، أن يتناول منه قليلا بسبب مرضه ، فأجابه : ” صدقني يا أخي ، اني أشاء ، لو أن السيد المسيح يتركني في هذه العلة ثلاثين سنة ” فأخذ الأخ الطعام الذي أحضره وانصرف .
الأماكن
+ قالت الأم تاؤدوره :
” إن راهبا كان يسكن في موضع حار ، فكثرت عليه الهوام ، وتعب من جدا ، لأن لم يكن من ذوي المراتب أو الغني ، فأتاه الشيطان في صورة مفتقد وقال له : ” كيف تستطيع الاقامة ، بهذه القلاية التي تصنع الدود من شدة حرارتها ؟ فقال له : ” أما الدود ، فأني أصبر عليه لأفلت من الدود الذي لا ينام . وأما الحر ، فإني أصبر عليه كذلك ، لأنجو من نار جهنم ، فأن هذين زائلان ، وأما ذلكما فباقيان وبصبره هذا فهو الشيطان ” .
+ سأل أخ شيخاً : ” لماذا أضجر من قلايتي ؟ ” .
فقال له : ” ذلك لأنك لم تحس بعد بنعيم القديسين وعذاب الخطاة ، ولو عرفت ذلك لصرت بلا ضجر حتى ولو كنت منغمسا في الدود والنتن في قلايتك لحد حلقك لأن قوما بسبب ضجرهم يتمنون الموت ، ولا يعلمون شدة الصعوبة عند ملاقا الله مع خروج القضية اللازمة عليهم ، وشدة العقوبة الحالة بالخطاة ” .
ب- احتمال سلبي لآلام الاضطهاد
الشتيمة – الإهانة – الامتهان – الضرب
+ قال مار اسحق :
كن مطرودا لا طاردا . وكن مظلوما لا طالما .
+ قال قديس :
متي أحزنك أحد في شيء ، فلا تنطق البتة الي أن تسكن قلبك بالصلاة بعد ذلك استعطفه .
+ قال أنبا اغاثون :
لو أن الغضوب أقام أمواتا فما هو بمقبول عند الله . ولن يقبل إليه أحد الناس
+ قال أنبا بيمن :
عندما كان ايسيذورس قس الاسقيط يعظ الاخوة في الكنيسة كان يقول لهم : يا أخوتي مكتوب : أغفروا لكم ( لو 6 : 37 ) للناس زلاتهم يغفر لكم أيضاً أبوكم السماوي ( مت 6 : 14 ) .
+ قال القديس باسيليوس :
علامة من غلب الشيطان أن يحتمل شر أخيه ولا يدينه .
+ قال شيخ :
حامل الأموات يأخذ الأجر من الناس ، وحامل الاحياء اعني المحتمل ، يأخذ الاجرة من الله .
+ قال أنبا زوسيما :
انه يجب علي الانسان الشكر لا التحقيق ، ويعتقد في شاتمه ، أن كان ذا الم وانفعال ، كأطباء يداوون جراح نفسه ، وأن كان عديم الانفعال والألم ، انهم محسنون يسببون له ملك السموات
سؤال : أني أريد أن استشهد من أجل الله .
الجواب : من احتمل رفيقه في وقت الشدة فذاك أصبح داخل آتون الثلاثة فتية .
الشتيمة
+ قال أنبا أفراطس :
يليق بالمتقدمين إلى الله أن ينظروا إليه وحده ، ويلتجئوا اليه بتورع هكذا ، حتى لا يعيروا الشتيمة التفاقا ، حتى ولو كانوا مظلومين ربوات من المرات .
+ قالت الأم تاؤدوره :
حدث أن إنسانا سمعته غير جيدة ، شتم أخا عفيفا ، فقال له : ” كنت قادرا أن أجيبك بما يوافق كلامك هذا ، ولكن ناموس إلهي يغلق فمي ” .
+ قال انبا تيموثاوس :
من أحتمل عدوه عند شتميه أياه ، فهو قوي وحكيم ، أما من لا يحتمل الشتكية فلن يحتمل الكرامة كذلك ، لأن الشتيمة أقل ضرر من الكرامة .
+ قيل عن راهب انه اذا شتم كان يجري نحو شاتمة أقل ضرر من الكرامة .
+ قيل عن راهب:
أنه شتم كان يجري نحو شاتمه ويقول له ، اغفر لي .
+ قال القديس يوحنا ذهبي الفم :
إذا ما أخطأنا ، فان الله قد ينهض علينا أعداءنا ليؤدبونا ، وعلى هذا فلا ينبغي أن نحاربهم ، بل يجب أن نحاسب نفوسنا ونثقفها ولكونه أطلقهم علينا لأجل خطايانا ، فمتي حاربناهم ، ننصرهم علينا ، ولهذا أمرنا ان لا نكافيء أعداءنا . فلنقبل الامتحانات ، كقبول الأدوية من الحكيم لنخلص . وكقول التأديب من الأب لنتشرف فلهذا قال الحكيم ابن سيراخ : ” أيها الأبن أن تقدمت لخدمةربك ، فهيء نفسك للتجارب ” .
+ وقال الطوباوي زوسيما :
إن إنسانا أخبره بأنه كان له معلم وديع جدا ، وقال أنه لعظم فضيلته والآيات التي كان يعلمها ، اعتقدت فيه تلك الكورة أنه ملاك الله ، فدخل عدونا في وقت ما في أحد الناس ، وجاء اليه وشتمه شتيمة كثيرة في غاية القباحة ، بمشهد من الكل ،والشيخ ناظر الي فم شاتمه لا غير ، وقال له : ” إن نعمة الله علي فمك يا أخي ” ، فأجابه ذاك : ” أيها الشيخ الرديء ، يا من كل شيمته أن يقول هكذا ، حتي متي تتصنع بذلك أمام الناس ؟ ” فقال له الشيخ : ” بالحقيقة يا أخي ، ما تقوله هو حق ” ، وبعد ذلك سأله سائل : ” الآن ، أما انزعجب يا راهب ؟ ” ، فقال : ” لا ، بل كنت أحس في نفسي بما يثيرها ” وكان هذا الطوباوي يقول مرارا كثيرة : ” ما قد عرفنا نحن البشريين لا المحبة ولا الاكرام ، بل قد ضيعنا عقولنا ، لأنه لو أحتمل الإنسان أخاه قليلا وقت حرده وغضبه ، ثم عاد بعد قليل إلى نفسه ، وعرف كيف أحتمله أخوه ، فأنه يصنع نفسه من أجله ” .
+ وسئل أيضاً :
” كيف السبيل للإنسان كي لا يحرد وقت شتيمته وتعييره من بعض الناس ؟ ” فقال : ” أن ازدري الإنسان بنفسه وحقرها فلن يقلق ولن يضطرب وذلك حسبما قال القديس بيمن : ” إن ازدريت بنفسك وحقرتها ، فقد أرحت نفسك ونيحتها ” .
الإهانة
+ قال شيخ :
إن لم يعتقد الغنسان في ظالمه كاعتقاده في الطبيب فأنه يظلم نفسه ظلما عظيما فسبيلك أن تتذكر ظالمك كتذكرك طبيبا نافعا لك مرسلا من قبل المسيح اليك كما يلزمك أن تتالم من أجل اسمه .
+ قال أنبا سيصوي الصعيدي :
صر مهانا واطرح مشيئتك وراءك وصر بلا هم تجد نياحا .
الامتهان
+ قال شيخ:
إن لم يكن قد صار عندك الامتهان كالاكرام والخسران كالربح والغربة كالقرابة والعوز كالفضيلة ، فامض واعمل ما شئت .
الضرب
+ قال أحد لآباء :
إن شئت معرفة الطريق فعليك بأن تعتقد في ضاربك كاعتقادك فيمن يحبك ، وفي شاتمك كمن يمجدك وفي ثالبك كمن يكرمك ، وفي مخزيك كمن ينيحك .
+ أتي أخوة الي الأنبا أنطونيوس وقالوا له :
يا أبانا . قل لنا كيف نخلص . فقال لهم : هل سمعتم مكا يقوله الرب ؟ فقالوا من فمك أيها الأب . فاجابهم قائلا : من لطمك علي خدك الأيمن حول له الأيسر . فقالوا له : ما نطيق ذلك . قال لهم : أن لم تطيقوا ذلك فأصبروا علي اللطمة الواحدة . فقال له : ولا هذه نستطيع . فقال لهم : إن لم تستطيعوا فلا تكافئوا من يظلمكم .. فقالوا له : ولا هذا نستطيع . فما كان من القديس الا أن دعا تلميذه وقال له : أطلح لهم مائدة واصرفهم لأنهم مرضي . أن هذا لا يطيقون وذلك لا يستطيعون ووصايا الرب لا يريدون . فماذا أصنع لهم ؟ !
حـ – احتمال إيجابي لآلام الشدائد
الشدائد والضيقات – الأحزان والتجارب – البلايا – الصبر
الشدائد والضيقات
+ قال مار اسحق :
لا تكره الشدائد فباحتمالها تنال الكرامة وبها تقترب إلى الله . لأن النياح الإلهي كائن داخلها ومحب الإصلاح هو الذي يحتمل البلايا بفرح .
توكل علي الله وسلم نفسك له وادخل من الباب الضيق وسر في الطريق الكربة ، فذاك الذي كان مع يوسف ونجاه من الزانية وجعله شاهدا للعفة . والذي كان مع دانيال في الجب ونجاه من الأسود ، والذي كان مع الفتية ونجاهم من آتون النار ، والذي كان مع أرميا وأصعده من جب الحماة ، والذي كان مع بطرس وأخرجه من السجن ، والذي كان مع بولس وخلصه من مجامع اليهود .. وبالجملة فإن الذي كان في كل زمان وفي كل مكان مع عبيده في شدائدهم ونجاهم وأظهر فيهم قوته هو يكون معك ويحفظك .
فخذ لك يا حبيب غيرة الأنبياء والرسل والشهداء والقديسين قبالة الأعداء الخفيين وأقتن غيرة الذين ثبتوا قائمين في النواميس الإلهية ، فطرحوا الدنيا وأجسادهم الي ورائهم وتمسكوا بالحق فلم يهزموا في الشدائد التي أنتابتهم في أنفسيهم وأجسادهم اذ فازوا بالقوة الألهية وكتبوا في سفر الحياة وأعد لهم ملكوت السموات التي تؤهل لها كلما برأفته وتحننه تعالي .
+ وقال أيضاً :
كما أن الأدوية المسهلة تنقي الكيموسات الردية من الأجساد هكذا شدة الضوايق تقلع الآلام من القلب .
+ قال شيخ :
إن كل إنسان يسلم نفسه لشدة بهواه من أجل الله فلي إيمان أن الله يحسبه مع الشهداء ، وذلك البكاء الذي يأتيه في تلك الشدة يحسبه الله عوض الدم .
+ قال القديس سمعان العمودي :
لا تنحل في الشدائد لتنكون مرضيا لله ، عالما أنه لو أراج لرفع عنك الشمع لا يقبل الانطباع بالصورة الملكية بدون تليين ، هكذا النفس لا تصلح لأن تنقش فيها صورة المسيح الملك بدون ادب كثير ظاهر وباطن ، ورياضة وافرة ، ومحن شدسدة .
+ قال أنبا بولا السايح :
من هرب من الضيقة فقد هرب من الله .
+ قال دوروثنيئوس :
من يضجر من شدائد هذا الدهر ، فهو جاهل بشدائد الدهر العتيد ، وافتراق النفس من الجسم ، والصعوبات التي تنالها ، وكيف تنسي تصرف هذا الدهر ، فينبغي لنا أن نذكر الأعمال التي ندان عليها ، بلا نسيان .
الأحزان والتجارب
+ قال مار اسحق :
يا بني ان أسلمت ذاتك لله ، أسلمت ذاتك لجميع التجارب ، فأصلب ضميرك وأفكارك مقابل الآلام بواسطة عمل الوصايا بتغصب وقسر .
الذي يماحك قبالة التأديب تبعد عنه المراحم الأبوية . الذي يتذمر التجارب ، تتضاعف عليه ، الذي لا يتأدب ههنا ، ويمقت التجارب ، بتعذب بلا رحمة .
+ قال أنبا أغاثون :
الذي يجد طريق القديسين ويمشي فيها يسر بالأحزان ، لأن سبيل الخلاص مملوءة أحزاناً .
+ من المعلوم لدينا أننا أن أغضبنا من هواعظم منا ، فأننا نبيت ونحن في خوف ورعدة ، ولكن مع الأسف فهوذا نحن نغضب الله وننام بلا مخافة .
+ إذا قمت للصلاة قدام الله احرص أن تجمع عقلك طارحا عنك الأفكار المقلقة ، ضع نصيب عينيك كرامة الله ، ونق حركاتك من الميول الشريرة .فأن شعرت بحرارة النعمة تقدم ولا تضعف ، فإذا أبصر الله صبرك فأنه بسرعة يسكب فيك نعمتك ويتقوي عقلك وينشط للعمل بواسطة السخونة ( مرارة النعمة ) فتضيء أفكار نفسك ويسمو بك الشعور الي تمجيد عظمة الله كل حين ، ولن يكون لك ذلك الا بطلبات كثيرة وفكر نقي ، كما أنه لا يليق أن يوضع البخور الطيب في أناء نتن كذلك الله لا يظهر فظمته في فكر رديء .
( د ) السهر
+ قال شيخ :
” أحب السهر فأنه ينير العقل ” .
+ قال القديس لنجيوس :
” السهر يطهر العقل : .
+ وقال القديس ابيفانيوس عند خروج نفسه :
” أيقظوا قلوبكم بذكر الله ، فتخف قتالات الأعداء عنكم ” .
+ وقال شيخ :
” كل من يحاربه أبليس وجنوده بالقتال ، وهو لأجل ذلك ينوح ويبكي ساهرا ، طالبا معونة ، فهو يستجاب لأن السهر يحل الخطية ، والبكاء يحل الذنوب ” .
+ قال أنبا أنطونيوس :
” لا يليق بنا أن نتذكر الزمان مضى . الأحرى بنا أن نكون كمن يبدأ عمله حتي يكون التعب المفرط الذي سنحس به لفائدتنا ليقل كل واحد ما قاله بولس الرسول : ” انسى ما هو وراء وامتد الي ما هو قدام ” ( فيلبي 3 : 13 ) ولنتذكر أيضاً كلمات ايليا ” حي هو الرب الذي وقفت أمامه اليوم ” ( مل 17 : 1 ) لنلاحظ أنفسنا بالحكمة التي تجعلنا نقف أمام الله ” .
+ وقال أيضا:
” إذا قمنا في الصباح لنذكر ربما لا نبقي للمساء . وعندما نرقد لنفكر إننا ربما لا نمكث حتي الصباح لأننا لا نعرف ما هي أيام حياتنا . أنها معروفة لدي الله . ونحن أن مارسنا هذا العمل يوميا لن نخطىء ، لن نفعل شرا أمام الله ، لن نشته أشياء هذا العالم لن نغضب أحدا ونكون كمن ينتظرون الموت ” .
+ قالت الأم تاؤدورة :
كان إنسان راهبا ، من شدة التجارب والمحن المتكاثرة عليه ، قال ، لنمض من ههنا . فبينما هو يلبس نعاله ، أبصر رجلا مقابله يلبس نعاله كذلك ، لأني من أجلك أنا مقيم في هذا الموضع . فإذا أردت الانتقال من ههنا ، فسوف انتقل بدوري لأني ملازم لك حيثما سكنت .
+ قال شيخ :
في كل التجارب التي تأتي عليك ، لا تلم إنسانا ولكن لم نفسك قائلا : ” إنه من أجل خطاياي لحفني هذا ” .
+ وقال أحد الآباء :
كما تنقلع الأشجار من شدة جريان الماء ، كذلك محبة العالم تنقلع من القلب من حدة التجارب الحادثة على الجسد .
+ قال مار افرام:
ليخطر ببالك أن القديسين كلهم بمكابدة الآلام ارضوا الله ، لأن الأحزان والمحن هي موافقة للإنسان ، لأنها تجعل النفس مختبرة وصلبة منتظرة بإيمان لا ارتياب فيه ، الفداء من لدن المسيح ورحمته .
+ قال أنبا بيمن :
نعم التجربة ، هي تلك التي تعلم الإنسان .
+ قال شيخ :
لا تضعف عن مقاومة التجارب التي توافيك ، بل اطلب من الله المعونة ، قد سمعنا الله يقول : ” أنا معكم فلا تجزعوا ” ومن ذلك قد تحققنا أنه ليس بقوتنا نقاتل ، بل بقوة الله الذي ألبسنا سلاح الظهر وأعطانا الروح القدس .
+ قال أنبا ارسانيوس :
إذ وضع قالب من الطوب غير المحروق في أساس بناء مجاور للنهر فإنه لا يسنده ، أما حرق في التنور فإنه يسند البناء كما لو كان حجرا . وهكذا الحال مع الإنسان صاحب التفكير الجسداني الذي لم يلتهب ويحترق بالحرارة كما فعلت كلمة الله في يوسف فإنه لا يقف إذا ما حلت به الفرصة ، فكثيرون اضمحلوا وسقطوا سريعا أمام التجارب ولذلك يجب على الإنسان أن يعرف أهمية سلطانه على نفسه واحتمال التجارب التي هي مثل سقوط مياه كثيرة حتي يثبت .
+ وقال أيضاً هذا الطوباوي :
إن يوسف لم يكن ترابيا بدليل موقفه من التجربة الشديدة في بلد لم يكن فيها أثر لخوف الله إلا أن إله آبائه كان معه في كل ضيقاته وهو الآن مع آبائه في السماء.
فلنلح الآن في الصلاة بكل قوتنا حتي نكون نحن أيضاً قادرين على الخلاص من دينونة الله العادلة .
+ قال القديس مقاريوس الاسكندراني :
إنه في يوم من الأيام جلس علي باب قلايته فحضر بين يديه رجلا عليه أثمال بالية ، وسيجد بين يديه قال : يا أبتاه اسألك أن أكون تحت ظلك ، وآخذ بركة صلواتك المقدسة . وقال له القديس حبا وكرامة . ثم سكن بقرب قلاية القديس وكان فقيراً جداً من أمور العالم ، غنياً بنعمة ملكوت السموات .
وفي أحدى ليالي الشتاء القارصة البرد ، وقع ثلج ورعد وبرد شديد ولم يكن له شيء يتغطي به غير قطعة عباءة مخرقة . فتذكر القديس مقاريوس ذلك الراهب وضعف حاله وأخذ عكازه وخرج يفقده فوقف علي باب القلاية وكان الظلام شديدا فسمع صوته من داخل وهو يتهلل ويفرح ويشكر الرب يسوع المسيح ويقول : يارب أشكرك إذ وهبتني هذه النعمة العظيمة الجزيلة والمواهب الجليلة الفاخرة التي هي العافية . ياربي كم من الملوك والكابر والسلاطين مقابل أعدائهم الأن ومنهم من كسروا ونهبت أموالهم وأملاكهم ، وأولادهم يباعونه ، وقوم منهم علعت حصونهم وقلاعهم وهربوا . وغيرهم في السجون . وقلوبهم مملوءة أحزاناً .
أما أنا يارب خالي القلب والفكر من جميع هذه الشرور . أشكرك ياربي يسوع المسيح . وكم من الأغنياء ذوي الأموال الجزيلة فيهم مرضي وبرص وبعلل شديدة ، وغيرهم عيونهم تالفة وبأصناف أوجاع كثيرة لا تنفعهم أموالهم وليس لهم شفاء ويشتهون أن يكونوا مثلي بغيرهم .
أشكرك ياربي يسوع المسيح ، وكم في السجون الآن ينتظرون قطع أعضائهم ، وربما موتهم وقلوبهم مملوءة هموما وأفكاراً . وأنا يارب بعيد عن كل هذه . أشكرك ياربي يسوع المسيح . وكم في العالم من المسجونين في هذه الساعة ، مثقلين بالحديد لا يستطيعون مد أرجلهم . وأنا يارب أمد رجلي هكذا ، ثم مد رجليه وقبل الأرض شكرا لله ثم قال : أشكرك ياربي يسوع المسيح كم من انسان قطعت يداه أو رجلاه ، أما انا فسألم اليدين والرجلين وسائر العضاء . أشكرك ياربي والهي يسوع المسيح علي هذه النعمة العظيمة التي أعطيتني . ثم قام ليصلي واذا بالمسكن قد أضاء كله من نوره .
فلما رأى القديس العظيم مقاريوس ذلك تعجب من هذا الانسان وانصرف وهو يسبح الله له المجد .
البلايا
+ قال شيخ :
إذا حلت بلية بإنسان فإن الأحزان تحيط به من كل ناحية لكيما تضجره وتزعجه وبيان ذلك في أنه كان أخ في القلالي ، جاءت عليه بلية لدرجة أنه غذا أبصر أحدا ما كان لا يسلم عليه ولا يدخله قلايته ، وإن احتاج إلى خبز ، ما كان أحد يقرضه ، وإذا جاء من الحصاد ، ما كان أحد يدعوه للكنيسة لأجل المحبة كالمعتاد ، وحدث أن جاء مرة من ذلك الحصاد فلم يجد في قلايته خبزا ، ومع ذلك كله ، كان يشكر الله على ما ياتي عليه من الأحزان ، فلما أبصر الله صبره رفع عنه قتال البلية . وإذا إنسان قد جاء فضرب باب قلايته ومعه جمل موثق خبزا جاءه من مصر ، فبدأ الأخ يبكي ويحزن ويقول : يارب ما أنا بأهل أن تتركني أحزان قليلا ، لكني يارب أنا مستوجب لذلك ولست أهلا لشيء من النياح . فلما جازت عنه تلك البلية ، صار الأخوة يأخذونه وينيحونه في قلاليهم وفي الكنيسة .
+ قال أنبا بيمن :
علامة الراهب إنما تعرف من البلايا .
+ سأل أخ شيخاً :
ماذا يصنع الإنسان في بلية تأتي عليه ؟ . فأجابه : ينبغي له أن يبكي قدام الله ، ويطلب منه أن يعينه كالمكتوب : ” أن الرب عوني فلا أخشى ، ماذا يصنع بي الإنسان ” .
+ قال أحد الآباء :
قبل البلايا يصلي الإنسان لله كغريب فماذا قبلها من أجل حب الله حينئذ يصير من أحباء الله وخواصه المحاربين لعدوه حبا في رضاه ويصبح كمن وجب حقه عليه .
الصبر
+ قال أحد الآباء :
” إن لم تهز الشجرة ، فلن تنشأ لها أغصان ، ولن تنم فروعها ، هكذا الراهب أن لم تنله محن ، فيصبر شاكرا ، فلن يصر متجلداً ولا شجاعاً ” .
+ قال شيخ : “استعد كل حين لأن تقبل الأتعاب والشدائد مع الضيقات الآتية عليك ، ولا تصغر نفسك ، ويضعف جسدك فتهلك تعبك ، بل اقتن لك صبراً ، وثبت أفكارك قائلا : ” إن هذه إنما أتت علي بسبب خطاياي ” ، فإن صنعت هكذا ، فإن معونة الله ونعمته تدركك سريعا ..
+ كذلك قيل :
” طوبى لمن يصبر على هذه الثلاثة بشكر وهي : ” أن لا تأكل حتى يجوع ، ولا ينام حتى ينعس ، ولا يتكلم حتى يسأل ” .
+ قال مار اسحق :
أساس تدبير الوحدة ، هو الصبر والاحتمال بالتغصب ، وبها يبلغ الإنسان إلى كمال تام ، وهي تصلح سلما يصعد بها إلى السماء .
– بدء تدبير سيرة الصلب هو التغصب ، والانقطاع من كل محادثات الوجوه ، علي أن يكون بغير اهتمام ، وعدم ذكر كل جيد ورديء ، وبغضة الكرامة ، والصبر بشجاعة علي الظلم والعار والهزء ، متمثلين بذلك الذي هزأوا به بالصلب ، ذاك الذي يعطي الحياة للعالم .
– إن كنت مشتاقا لسلامة القلب ، ونياح الضمير الذي هو إثمار شجرة الحياة ، فاخلع من قلبك شجرة تمييز الجيد والرديء ، تلك الشجرة التي أمر مبدأ جنسنا ( آدم ) الا يتذوق منها لئلا يموت ، لأنها أنما تولد سجسا في النفوس وتقلع السلامة من القلب .
+ قال القديس مقاريوس الكبير :
ان طول الروح هو صبر . والصبر هو الغلبة ، والغلبة هي الحياة ، والحياة هي الملكوت ، والملكوت هو الله سبحانه وتعالي . البئر عميقة ولكن ماءها طيب عذب .الباب ضيق والطريق كربة ولكن المدينة مملوءة فرحا وسروراً . البرج شامخ حصين ولكن داخله كنوز جليلة . الصوم ثقيل صعب لكنه يوصل الي ملكوت السموات . فعل الصلاح عسير شاق ولكنه ينجي من النار برحمة ربنا الذي له المجد .
+ قال انبا باخوميوس :
ما أكثر فخر الصابرين علي التجارب !
جميع المعلمين والآباء والكتب المقدسة تأمر بالصبر الكثير وتحت عليه فكن صبوراً وتجاد لأن القديسين صبروا فنالوا المواعيد كن واسمع القلب لتكلل مع عساكره الأطهار . دوام علي الصوم وصل ولا تمل واصبر للبلايا حتي يرفعها الرب عنك . وأنظر لأي حتي اللعاب الذي ييبس في فمك وأنت عاسم لا ينساه الله . وتجد ذلك عند شدتك في وقت انتقالك .
+ قال القديس برصنوفيوس :
أحلب لبنا فسوف يصير سمنا ، فإذا ضغطت بيدك علي الضرع أخرج ماً ، وأيضاً قال الرسول : ” صرت مع الكل مثل الكل لأربح الكل ” .
هذه هي طريق المسيح لأنه بكل وداعة وسكون جاء ليخلص الناس ، فإن يقارع الأنسان فكرة قريبة ، إذا لم يكن الانسان متجلداً صبوراً فلن يستطيع أن يكون مع الناس في هدوء وسلام . أتعب لتقتني الصبر ، لأنه مكتوب هكذا : ” بصبركم تقتنون أنفسكم “
Discussion about this post