كيف أقتني الاتضاع ؟
+ سأل أخ شيخا قائلا : ” يا أبي ، كيف يأتي الإنسان إلى الاتضاع ؟ “
فأجابه الشيخ : ” ذلك بأن تكون مخافة الله ” .
فقال الأخ : ” وبأي شيء تأتي مخالفة الله “
قال الشيخ : ” بأن يجمع الإنسان ذاته من كل الناس ، ويبذل جسمه للتعب الجسدي بكل قوته ، ويذكر خروجه من الجسد ودينونة الله له ” .
+ سئل القديس برصنوفيوس :
” اخبرني يا أبي كيف يقتني الإنسان الاتضاع الكامل والصلاة الحقيقية ؟ ” .
أجاب : ” أما كيف يقتني الإنسان الاتضاع الكامل ، فالرب قد علمنا ذلك بقوله : “ تعلموا مني فاني وديع ومتواضع القلب ، فتجدوا راحة لنفوسكم “ إن كنت تريد أن تقتني الاتضاع فأعلم ماذا عمل وتأمل صبره ، وأصبر مثله ، واقطع هواك لكل أحد ، لأنه قال : ” أني ما نزلت من السماء لأعمل مشيئتي ، بل مشيئة من أرسلني “ هذا هو الاتضاع الكامل ، أن نحتمل الشتيمة والعار وكل شيء أصاب معلم الفضيلة ربنا يسوع المسيح ” .
وأما الصلاة الحقيقية فهي أن يكون الانسان مخاطبا لله بلا طياشة ، ناظرا اليه بجملته وأفكاره وحواسه والذي يسوق الإنسان إلى ذلك هو أن يموت عن كل إنسان وعن العالم وكل ما فيه ويتصور في عقله انه قائم قدام الله وإياه يكلم وهكذا يكون قد انفلت من الطياشة وانعتق منها وصار عقله فرحا مضيئا بالرب وعلامته إذا وصل إلى الصلاة الكاملة ، فأنه لا يتسجس البتة ، ولو سجسه كل العالم ، لأن المصلي بالكمال ، قد مات عن العالم وتياحه كله ، وكل شيء يعلمه من أموره يكون فيه بلا طياشة ” .
+ سئل أيضا مار اسحق : ” كيف نقتني الاتضاع ؟ ” .
فقال : ” بتذكار السقطات ،وانتظار قرب الموت ، واتخاذ لباس حقير .واختبار موضع هادىء ، واقتناء سكوت دائم ، كما لا يجب ملاقاة الجموع ، وليكن غير معروف وغير محسوب ، ملازما أموره بقدر ، مبغضا لقاء الناس ، والدالة والخلطة ،غير محب للأرباح ، مانعا عقله من لوم أحد ، أو الايقاع بإنسان ، فلا يعامل أحداً ولا يعاشره ، بل يكون متواحدا في ذاته ، منفردا بالتصرف .
فهذه كلها تولد الاتضاع ، وتطهر القلب ، والذين قد بلغوا الكمال ، هذه هي دلالتهم وعملائهم ، ولو أنهم يسلمون كل يوم عشر مرات للحريق من أجله محبة الناس ، فلا يشبعون من حبهم .
Discussion about this post