دير سيّدة جبل الكرمل (دير ستيلا ماريس)
واحدة من الكنائس اللاتينية في مدينة حيفا والواقعة على منحدرات جبل الكرمل والتي بُنيت في القرن التاسع عشر، وتمتاز هذه الكنيسة ببنائها البسيط وتصميمها المعقد لتنتج تحفة معمارية مذهلة، وتُزين قبتها الجميلة الرسومات الملونة بناءً على نماذج العهد القديم والجديد، بالإضافة الى الكتابات الدينية باللغة اللاتينية التي تُزين القبة، كما تُزين القاعة الداخلية للكنيسة التماثيل المذهلة لمريم العذراء وهي تحمل السيد المسيح. وتوفر هذه الكنيسة الأجواء المريحة والروحانية التي تملأ المكان، كما انها توفر إطلالة استثنائية لميناء حيفا.
دير ستيلا مارس، أو نجمة البحر في حيفا وكنيسة سيدة الكرمل وكهف اعتكاف النبي إيليا هتشبي، أو مار إلياس، هو دير تابع للرهبنة الكرملية، والتي تعيش على طريق النسك والزهد التي اتّبعها النبي إيليا، وقد اعتكف هذا النبي في المغارة الواقعة داخل الكنيسة كنيسة سيدة الكرمل. ويذكر التقليد الكنسي أن الرهبان الكرمليين اعتكفوا أيضا في الكهوف والمغاور الكثيرة على جبل الكرمل منذ الفترة الصليبية، في مطلع القرن الثالث عشر. ولكن الرهبان غادروا البلاد وعادوا إليها بحسب التطورات السياسية والعسكرية في المنطقة. ولذا هُدم الدير عدة مرات. ولا زال الرهبان منذ مطلع القرن العشرين إلى اليوم يعيشون في هذا الدير، ودير المحرقة على قمة جبال الكرمل، يحيون ذكرى مار إلياس واعتكافَه، ومواجهته للظلم والخطيئة ودعوته للحق والحقيقة، وبكل جرأة إلى عبادة الله والتخلي عن عبادة الوثن، الإله بعل. فمار إلياس، نبي لا يزال صدى صوتِه مدوّيًا: حيّ هو الله.
الكرمليون هم مجموعة رهبان، تابعون للكنيسة الكاثوليكية ويستلهمون إسمهم من جبل الكرمل، المكان الذي فيه أُسست الجمعية.
استقرت مجموعة من الصليبيين، في أواخر القرن الثاني عشر، على منحدرات جبل الكرمل الغربية، وكانت رغبتهم إتباع نمط حياة النبي الياس، حياة تنسكية في مغاور الكرمل.
في فترة غير محددة، ما بين عام 1206- 1214 طلب القديس بروكاردور رئيس الرهبان آنذاك، من القديس البرت، بطريرك القدس ان ينص لهم قانون حياة.
وهكذا تم انتماء هذه المجموعة من الرهبان التي عرفت فيما بعد بأسم “الجمعية الكرملية” الى أبرشية القدس.
بنى الناسكون آنذاك كنيسة صغيرة لهم، في وادي السياح، على بعد سبعة كيلومترات جنوب حيفا. وقد نقب آثار المكان من قِبَلْ الراهب الفرنسيسكاني “بجاتي” وهكذا عُثر على الكنيسة الاصلية.
في عام 1259، دعا القديس لويس بعد عودته من الاراضي المقدسة ستة رهبان كرمليين من جبل الكرمل الى فرنسا.
منذ سنة 1238 وما بعدها، بدأ الكرمليون بتأسيس أديرة في اوروبا. ولكن عند سقوط مدينة عكا عام 1291 اضطر الرهبان الى ترك الاراضي المقدسة. عام 1631 عاد خادم الرب، الراهب يروسيروس الى جبل الكرمل لترميم مهد نشوء الجمعية، تحت اسم “الكرمليين الحفاة”. وبهذا بنى ديراً صغيراً على قطعة ارض بجانب المنارة، حيث عاش الكرمليون حتى عام 1767، حينما أمرهم ظاهر العمر بترك المكان وهدم الدير.
انتقل الكرمليون الى موقعهم الحالي، حيث بنوا كنيسة كبيرة وديراً فوق مغارة معروفة “بمغارة مار الياس”. لإتمام هذا المشروع، كان عليهم ان ينظفوا المكان من أنقاض الكنيسة اليونانية التي بُنيت في العصور الوسطى والمعروفة باسم “دير القديسة مرغريت” ومن أنقاض كنيسة صغيرة وقديمة تعود الى ما قبل الحروب الصليبية. اثناء حملة نابليون (1799)، اُصيبت كنيسة الكرمليين بدمار كبير. وقد أحضر الجنود الفرنسيون الذين أُصيبوا بالوباء الى الدير لمعالجتهم. إلا انه عند انسحاب نابليون، قتل الأتراك الجنود الجرحى وطردوا الرهبان. وعندما سنحت للرهبان اول فرصة للعودة الى الدير، قاموا بدفن جثث الجنود بصورة لائقة في حديقتهم، ورفعوا تذكاراً بشكل هرم فوق القبر. اما الصليب الحديدي الذي على قمة الهرم فنحته ملاحو السفينة “شاتو- رينو “.
عام 1821 امر عبدالله باشا والي عكا، بهدم الكنيسة كُلياً. بعد ذلك بدأ الأخ الراهب كازيني، ببناء الكنيسة والدير من جديد، وتم تدشينها عام 1836. بعد ثلاث سنوات منح البابا غريغوريوس السادس عشر الكنيسة اسم “معبد صغير” والمعروف اليوم باسم “ستيلا مارس” (ديرمارالياس).
إن لتمثال العذراء المجيدة الموضوع فوق الهيكل العلوي أهمية خاصة به. فقد تم نحت رأس التمثال عام 1820 من قبل “كاراقينا من جنوا”.
وضِعَ الأكليل على الرأس في الفاتيكان بحضور البابا بيوس السابع، عام 1823. بعد ذلك بحوالي مئة عام تم نحت الجسد من خشب أرز لبنان على يد “اريئيدى” وبورك التمثال من قبل البابا بيوس الحادي عشر قبل إعادته الى الاراضي المقدسة.
اما الرسومات الفنية التي تزين قبة الكنيسة فقد نُفذت عــلى ايدي الأخ الراهب لويس يـوجي
(1924-1928). وهي تصور صوراً للقديس الياس وهو مرفوع على مركبة من نار، وللنبي داود وهو يعزف على قيثارته، لقديسي الجمعية الكرملية، للأنبياء أشعيا، حزقيال، دانيال وللعائلة المقدسة. اما تحت هذه الصور فهنالك رسومات تعبر عن الانجيليين الأربعة. وتحت صور الانجيليين كُتبت آيتان من الكتاب المقدس واللتان تتلوان عادة في قداس “العذراء سيدة الكرمل”. الشبابيك الزجاجية الملونة تصف النبي الياس في الصحراء، وارتفاعه في مركبة من نار.
وسِعَّ الدير بعد الحرب العالمية الاولى، لاستضافة المعهد العالمي لدراسة الفلسفة، التابع للجمعية، ولكن سُرعان ما أغلق بسبب نشوب الحرب عام 1939. المعهد موجود حالياً في روما، ويستضيف عدداً كبيراً من الكرمليين، من جميع أنحاء العالم لدراسة اللاهوت. اما المعهد القديم فقد تحول “لمضافة للحجاج”.
يعيش في الدير خمسة عشر راهبا كرمليا من أنحاء العالم. وظهر من عائلة الرهبان الكرمليين في العالم عدد من القديسين مثل القديسة تريزا الأفيلية، القديس يوحنا الصليبي، القديسة أديث شتاين والقديسة مريم بواردي ليسوع المصلوب.
مقابل مدخل الكنيسة مباشرة هنالك نصب تذكاري هرمي الشكل لذكرى الجنود الفرنسيين الذين ماتوا خلال انسحاب جيش نابليون في عام 1799 من عكا، عندما لم يستطع احتلالها، فجرح عدد من الجنود وقتل عدد آخر، لكن نابليون تركهم في أرض المعركة وفر هاربا، فجمع الأهالي جثث القتلى ودفنوهم أمام دير ستيلا مارس وأقاموا النصب التذكاري فوق ضريحهم..
مغار مار إلياس
تقع مغارة إيليا النبي في الجزء السفلي. وقد حفرت في الصخر ويروي التقليد أن النبي كان ينام فيها. ويقال أن النبي شاهد وهو في هذه المغارة العلامة التي جعلها الله نهاية للقحط الذي أصاب المدينة من جراء العبادة الوثنية.
جبل الكرمل
جبل الكرمل، أو جبل مار إلياس هو سلسلة جبال في شمال فلسطين المحتلة، وهو جبل ساحلي يطل على البحر الأبيض المتوسط وعلى ميناء مدينة حيفا وخليج عكا وهو يعتبر النهاية الشمالية لجبال نابلس. يأخذ الجبل شكل مثلث، رأسه في الشمال الغربي وقاعدته في الجنوب الشرقي وأعلى قمة فيه هي قمة عين الحايك ويبلغ ارتفاعها حوالي 600 متراً، ويقع جزء كبير من مدينة حيفا الحالية على جبل الكرمل وكذلك بعض القرى مثل جبع وأم الزينات وإجزم وأحراش الكرمل. النطاق هو محمية في برنامج الإنسان والمحيط الحيوي لليونسكو. وقد أصاب جبال الكرمل حريق هائل يعد كارثة كبيرة في 2 ديسمبر 2010 وقد شاركت عدة دول لاخماد هذا الحريق الهائل.
مكانته الدينية
ذكر جبل الكرمل في كتب التوراة والعهد القديم ويقال ان معنى الاسم في اللغات السامية كالآرامية والعبرية هو «كرم إيل» ويعني «كرمة الله» (أو حديقته). ونقرأ في هذه الكتب بأن النبى إيليا اختار هذا الموضع لأن الكنعانيين كانوا يعتقدون بأن جبل الكرمل هو مسكن الآلهة وهناك واجه أنبياء البعل وعشتاروت وانتصر عليهم وقتلهم. وكان من عادة الكنعانيين التّعبّد للإله بعل في الأماكن المرتفعة ومنها جبل الكرمل حيث قدّموا القرابين على مرتفعاته.
مراجع
-
^ *جبل الكرمل*نسخة محفوظة 2012-02-02 في Wayback Machine
-
^ كتاب: حيفا على مر العصور – نادر عبود، الناشر: مكتبة كل شيء ـ حيفا، 1985
-
^ Dave Winter (1999). Israel handbook. Footprint Travel Guides. ISBN:1-900949-48-2. مؤرشف من الأصل في 2014-07-15. pp. 568-570
-
^ [Stella Maris] (بالعبرية) https://web.archive.org/web/20140617181825/http://www.planetnana.co.il/haifa15/stella.html. مؤرشف من الأصل في 2014-06-17. اطلع عليه بتاريخ 2010-07-19.
{{استشهاد ويب}}
:|trans-title=
بحاجة لـ|title=
أو|script-title=
(مساعدة)،|مسار أرشيف=
بحاجة لعنوان (مساعدة)، والوسيط|عنوان أجنبي=
و|عنوان مترجم=
تكرر أكثر من مرة (مساعدة)