اليوم الحادي عشر
تذكار القديس صفرونيوس بطريرك أورشليم
(السنكسار الماروني)
ولد صفرونيوس في مدينة دمشق حوالي سنة 558، وتربّى، بحسب تقليد قديم، في مدينة بشرّي – لبنان. تثقف بالعلوم ولا سيما الدينية فنال منها قسطاً وافراً حتى لقب “بالحكيم” وبدأ يعلم الفصاحة ليزرع في قلوب تلاميذه بذور الفضائل المسيحية. زهد في الدنيا ومضى إلى فلسطين حيث كانت الديورة زاهرة بالرهبان والنساك. وبعد زيارته الأماكن المقدسة، دخل دير القديس تاودوسيوس، بقرب أورشليم. فقضى فيه مدة طويلة، متمرساً بالصلاة العقلية والحياة النسكية.
وفي ذلك الدير الآهل بالرهبان الكثيرين، تعرّف بالراهب والكاهن يوحنا موسخس الشهير بفضيلته وعلمه فاتخذه معلماً ومرشداً. وبقي ملازماً له، وقد ساعده في تأليف الكتاب المعروف “ببستان الرهبان أو الحديقة الروحية”. وقاما معاً بزيارة دير القديس سابا الشهير وسائر الأديار في البلاد الفلسطينية. وكان يوحنا موسخس يدّون كل ما يراه من أعمال الرهبان وفضائلهم وما يسمعه عن الذين عاشوا بالقداسة والكمال الرهباني.
ثم سافرا إلى الاسكندرية، فرحّب بهما بطريركها القديس يوحنا الرحوم وإبقاهما عنده وهناك أبرز صفرونيوس نذوره الرهبانية وعقد القلب على أن يقف حياته لخدمة الله. وكانت بدعة القائلين بالطبيعة الواحدة قد انتشرت في البلاد. وقام البطريرك يجاهد في مكافحتها ليصون شعبه من شرها، فدعا صفرونيوس وكان قد اتقن علم الفلسفة واللاهوت ونبغ فيهما. فرسمه كاهناً وفوَّض إليه وإلى صديقه يوحنا موسخس الوعظ والإرشاد. فقاما بمهمتهما أحسن قيام. فسرّ بهما البطريرك القديس وشكر لهما غيرتهما وأسكنهما الدار البطريركية.
وقد افتقد الله صفرونيوس بوجع في عينيه، أقعده عن العمل ولم يشف إلاّ بأعجوبة كانت نتيجة صلواته إلى الله وإلى شفاعة سيدتنا مريم العذراء. وقصدا إيطاليا فوصلا إلى روما حيث أنجز موسخس كتاب بستان الرهبان. وأهداه إلى تلميذه صفرونيوس. ثم عادا إلى فلسطين حيث انتخب بطريركاً عام 634. وعقد مجمعاً حرم فيه القائلين بالطبيعة الواحدة. وفي أيامه افتتح عمر بن العاص أورشليم الذي أكرم البطريرك.
وكانت السنون والمحن قد أثقلت كاهل البطريرك القديس والشيخ الوقور، فمَا لبث بعد تلك الشدائد، أن رقد بالرب سنة 638. صلاته معنا. آمين.
Discussion about this post